رواية اغلال الروح للكاتبه شيماء الجندي الجزءالأول (كاملة)
منه ولا حاجه !
ثم أمسكت جهاز التحكم الصغير و ضغطت على زر خفض الإضاءة تماما و أغمضت عينيها متعمدة تركتها في حالة صدمة بالغة من ثبات تلك الفتاة المستفز لها و حرصها المبالغ به في جميع كلماتها معها ليست محتالة فقط بل هي ماهرة و لأول مرة تخشاها منذ أن رأتها لقد ظنت أنها فتاة محتالة يسهل التلاعب بها واستغلالها بالابتزاز والضغط عليها و لكنها الآن لم تتوتر أو تندهش من الحديث كما أنها تحافظ على ثباتها الإنفعالي بشكل كبير يشعل ڠضبها بينما هي لا تبالي !!!!
سمعتي بنفسك طريقتها !
عضت شفتيها و أكملت مسرعة حين استمعت إلى باب منزل في الطابق العلوي يغلق بقوة
سلام دلوقت و هكلمك بكرة !!
كادت تدلف إلى منزلها لكن أوقفها سليم يقول بدهشة
هزت رأسها بالسلب و قالت بابتسامه صغيرة
لا أنا كنت بعتذر لسديم و اتصالحنا وطلعت !
رفع حاجبه و قال بهدوء و هو
يشير إليها تجاه باب المنزل
طيب تمام تصبحي على خير !
هزت رأسها بتوتر و دلفت تغلق خلفها بهدوء ليواصل هو الهبوط متجها إلى المنزل الخاص ب آسر الذي كان يتحدث إلى رائف قائلا
كتم رائف ضحكاته وقال محاولا تهدئته
لحظة هو أنت عملت إيه بالظبط أنا قولتلك روح اعتذر عن اللي عملته معاها الوضع اتطور لفين بالظبط !
عقد آسر حاجبيه و قال پغضب
هكون عملت ايييه يعني !!! أنا محبتش تفكر إني بتعمد اضايقها بس هي بتستفزني جدااا بتخرجني عن شعوري و حقيقي مبحبش اتكلم معاها كتير !
هي مين دي اللي بتستفزك بس
استدار آسر له وتنهد بهدوء بينما أجاب رائف
تعالى ياسليم كنا لسه بنتكلم على بنت عمكم آسر مكنش عايز يدربها و بيقول عليها مستفزة !
عقد آسر حاجبيه حين قال سليم مسرعا
خلاص ادربها أنا ومتزعلش أوي كدا حد يتضايق من سديم !!!! دي حتى أميرة اعتذرتلها !
هو مين قال إني مش هدربها أصلا الشغل حاجة و الأمور الشخصية حاجه تاني ! و بعدين مين قالك إن أميرة اعتذرت أنت عديت على سديم دلوقت
تحدث و هو ينظر إلى ساعته التى تجاوزت الواحدة صباحا ليعقد سليم حاجبيه و يقول بضيق
فيه إيه يا آسر هو أنا قليل ذوق عشان اعدي عليها دلوقت ! أنا قابلت أميرة وأنا نازل طالعة من عندها وقالتلي إنها كانت بتعتذرلها و بعدين متعصب كدا ليه أصلا دي بنت عمي زي ماهي بنت عمك !
هو فيه إيه ياجماعة مالكم سخنتوا كدا على بعض آسر يقصد انه مش بيحب أسلوبها عامة لكن الشغل حوار تاني ما أنت عارف دماغ آسر ياسليم مالك
رفع آسر حاجبه وعلق قائلا
مالها دماغي بقاا
زفر سليم و عقد حاجبيه بينما أجاب رائف قائلا بلطف
احم ما كلنا عارفين ياآسر إنك بتشتري دماغك وكدا !
نظر إليه آسر پغضب ثم استقام يقول بهدوء ظاهري
طيب أنا محتاج أنام دلوقت اتفضلوا عشان ارتاح !
تركهم يتجه إلى الغرفة و قد شعر سليم بالحرج و قال
واضح إن احنا كبرنا الموضوع معاه أنا كنت نازل اطمن عليه و اقعد معاه النهاردة عشان ميبقاش لوحده بس شكله متضايق أنا مش فاهم سديم عملتله إيه واحدة عرفت تتصرف وتروح بيه على مستشفى وبعدها كلمتك و وقفت معاه النهاردة كله فين الغلط اللي استفزه منها مش فاهم !!
توجه إليه رائف متشدقا بعقلانية
مكبرناش حاجه ياعم أنت سيبه بس متقلقش عليه هو قال هينام و هنجيله الصبح نشوفه لما يقعد مع نفسه هيهدا و يرتاح من ضغط اليوم مش أكتر !
هز رأسه باقتناع و هو يقول رابتا فوق كتفه
طيب تعالى عندي النهاردة بدل ما تمشي دلوقت كدا
هز رأسه بالسلب قائلا بهدوء
لأ لأ أنا هروح عشان اجهز كمان ورق لشغل بكرة جدتك اكيد مش هتسيب آسر يعمل اللي في دماغه
وينزل
ابتسم له سليم و قال بامتنان
معلش بقا تعبناك معانا !
عقد الآخر حاجبيه و قال بجدية
تعب إيه هو أنا غريب انتوا اخواتي يابني روح نام بقاا و اشوفك بكرة !
و بالفعل صعد سليم مودعا إياه و رحل رائف و مرت ساعتين بهدوء و سلام داخل المنزل إلى أن استقيظت سديم من كابوس مروع كعادتها منذ وطأت قداماها هذا المنزل و اعتدلت فوق الفراش تنظر حولها لحظات و كأنها تبحث عن أحدهم وخاب أملها زفرت و هي ترفع يدها تضعها فوق قلبها لحظات ثم تنهدت بصوت واضح و خرجت من الفراش بل من الغرفة بأكملها و قررت التجول داخل الحديقة و رؤية الحديقة الخلفية إلى أن تهدأ و تبدأ بترتيب أفكارها أو تسعيد قدرتها على النوم مرة أخرى أيهما أقرب !
بدأت أنفاسها تنتظم و عاد إليها سلامها الداخلي و لكن لازال الحديث الدائر بين عقلها وقلبها و لازال قلبها يطالبها بالمحاولة مرة أخرى مع والدتها و أن لديها فرصة جيدة للابتعاد عن سامح و ظلامه و أن تبدأ جولة جديدة داخل عالم أحلامها و لما لا !!!
ضحكت بخفوت من حالها و همست
عايزة ابعد عنه وأنا هنا أصلا عشان اكمل معاه في القرف دا !! معادلة مضحكة وملهاش حلول فعلا !!
لم تشعر بحالها إلا و هي تقف أمام زجاج منزله و اتسعت عينيها حين وجدت جسده يفترش الأرض الرخامية يرتدي فقط سرواله الرياضي و معالم الإعياء واضحة على وجهه هل كان يمارس الرياضة بهذا التوقيت و بتلك الحالة !!!
بدأت تبحث عن باب منزله پذعر واضح والعجيب أن الباب مفتوح كيف لم يدرك أحدهم أو يلاحظ هذا المشهد !!!!
توجهت إليه و هبطت أرضا ثم بدأت تستكشف انتظام أنفاسه لكنها استقامت مسرعة و أخرجت هاتفها من جيب السروال القصير تعبث به لحظات قبل أن ترفعه إلى أذنها تقول مسرعة فور أن أتاها الرد
أنا هوصفلك حالة قدامي ياكريم و قولي اتصرف ازاي بسرعة معلش آسفة للتوقيت دا !
فتحت مكبر الصوت وتركته ثم بدأت تصف له و تنفذ تعليماته بشكل حرفي إلى و أمسكت الوسادة تضعها أسفل رأسه و تتأكد أن سقوطه لم يصحبه كدمات أو چروح و تنفست الصعداء حين وجدت أن الأريكة منعت سقوطه فوق الكتف المصاپ دقائق عصيبة مرت عليها و ها هو يعود إلى وعيه بعد عناء و صادف دخول يوسف يقول بهلع حين وجد أخيه فوق الأرض
ايه داااا !!! حصله ايه !!!
نظرت إليه و أشارت إلى الطعام هي تغلق هاتفها
متقلقش هو بس من المجهود تقريبا جرى جامد و مكنش أكل هنكمله الكمادات و حرارته تنزل و يبقا بخير تعالى بس ارفعه معايا فوق الكنبة أو ندخله أوضته أحسن !
هز رأسه و ترك مابيده جانبا و أسرع إليه يعاونها برفع جسدها و هي تحذره بلطف
حاسب يايوسف عشان كتفه و اسنده بس هو فايق معانا متقلقش عليه !
ثم وضعت يدها أعلى ذقنه المشذب و وجهت وجهه إليها تقول بهدوء
آسر أنت معاياا مش كدا !
همس بخفوت وصوت متحشرج و هو يستند بجسده إلى أخيه و يحاول فتح جفنيه حتى يبصر الطريق جيدا
آه !
تأكدت سديم أن الأخوين وصلا بسلام إلى الفراش و بدأ يوسف يعاون أخيه و يضع الوسائد خلف ظهره لتتوجه هي إلى الخارج و
تبدأ بإعداد ما تحتاج إليه لصنع كمادات باردة ثم أسرعت إلى أفراد الأمن بالخارج تأمرهم بإحضار الدواء الذي أملاه عليها كريم و عادت إليهما مسرعة بينما كان يوسف يتابعها قائلا بقلق
نطلب الدكتور أو نروح بيه على أقرب مستشفى أحسن
أمسكت القطعة القماشية الصغيرة و وضعتها داخل المياه و هي تتحدث معه قائلة
لا متقلقش أنا اعرف دكتور واتواصلت معاه و الأدوية هتيجي ياخدها بعد الكمادات و هيبقا تمام متقلقش !
ثم أكملت
لو تقدر تجيب تيشيرت و تساعدني يلبسه بس بعد ما نخلص يبقا تمام أوي !
هز رأسه بالإيجاب و قال بتأكيد وهو يتوجه إلى غرفة الملابس
اه طبعا حاضر !
عاد إليها يقول بهدوء
طيب اقولهم في البيت أحسن
كادت تتحدث لكنها عقدت حاجبيها متأوهه حين قبض فجأة آسر على يدها و قال بخفوت و هو يقاوم حالة الإعياء يرفع رأسه محاولا الاستقامة مغمضا عينيه
لااء !
ابتسمت و أفلتت يدها بهدوء و أعادت يده فوق
الفراش ثم وضعت يدها فوق كتفه و دفعت جسده بخفة إلى الوسائد مرة أخرى قائلة بلطف
خلاص مش هنقول متقلقش !
مر الوقت و بدأت درجة حرارة جسده بالاعتدال قليلا و أردف يوسف حين طرق فرد الأمن فوق الباب الخارجي
شكله جاب الأدوية هروح أخدها !
كانت سديم قد جلست على طرف الفراش بمواجهته و أمسكت المنشفة الأخرى تجفف القطرات التي تنساب بعشوائية تجاه أذنيه و ضعت يدها أعلى جبهته و فوق عنقه تتأكد أن الأمور على ما يرام فتح حينها عينيه و أمسك يدها يثبتها فوق صدره من جهة الإصابة و يضع يده فوقها يثبتها و يهمس لها بصوت متحشرج
مش عايز أدوية !
توترت ناظرة إلى يدها التي يحتفظ بها فوق صدره الدافئ وهمست
أنا مبحبش الأدوية بس باخدها في حالة هتساعد جسمي يرجع أحسن اخوك اتخض عليك أوي أظن دا سبب قوي إنك تساعد نفسك !
صمت و حاولت إفلات يدها بهدوء و نجحت أخيرا بعدما أغمض عينيه منتظرا عودة شقيقه بالدواء و قد عاد يوسف بالفعل يهمس لها
هو نام !!!!
هزت رأسها بالسلب و استقامت واقفة
تأخذ منه الدواء و بدأت تدسه بخفة بين شفتيه ثم أمسكت الكوب و وضعته فوق ثغره هامسة بلطف
يلا يا آسر !
فتح عينيه ينظر إليها و هو يرتشف المياه ثم ألقى نظرة خاطفة تجاه أخيه و ابتسم له يقول بعبث
متقلقش يلاا أنا زي الفل !
كانت سديم قد وضعت الكوب جانبا و أمسكت هاتفها الذي أعلن عن مكالمة هاتفية تقول عاقدة حاجبيها
أوبس أنا قفلت في وش كريم ! بعد أذنكم !
و خرجت على الفور ليعقد آسر حاجبيه و تختفي بسمته يقول بدهشة
هي الساعة كام
أجابه أخوه و هو يجلس فوق الفراش
الساعة 5 تقريبا !
رفع حاجبه مرددا پصدمة
مين كريم اللي قفلت معاه !
هز يوسف كتفيه يقول بلامبالاة
غالبا الدكتور اللي كلمته يساعدها من شوية ! أنا كنت مركز معاك بصراحة خضتني عليك وقولتلك اقعد معاك رفضت واتعصبت علياا إيه لزمة الرياضة بالحالة دي يا آسر !
زفر آسر بملل و قال بإرهاق و عينيه تتابع باب الغرفة
رياضة إيه يايوسف أنا جريت شوية مش أكتر مكنتش أعرف أن كل دا هيحصل !
ربت يوسف فوق كتف أخيه وابتسم
له يقول بتفهم
ولا يهمك المهم إنك أحسن شوية !
كاد آسر يتحدث لكن صاح يوسف مداعبا سديم التي دلفت في ذات اللحظة تقف عند باب الغرفة
بنت عمي اللي منغيرها نضيع كلناا إيه الجمدان دا كله بس ياسديم !
ثم أكمل حديثه ينظر إلى آسر قائلا
سديم اسعفتك مرتين كدا يعني بقينا مديونين ليها بروح !
ابتسم له آسر و عاد بنظراته إليها يقول بامتنان
شكرا !
نظراته الممتنة الهادئة ادهشتها هل يتقن دوره الآن لأن أخيه يجاوره أم أنه بالفعل يحترم فعلتها بالرغم أنها لا تنتظر جزاء عملها إلا أنها مبتهجة من رؤية نظرات موجهة إليها و خالية من الإزدراء داخل عينيه !!
هزت رأسها بابتسامة هادئة و كاد تغادر المكان إلا أن استقام يوسف يقول مسرعا
سديم تعالي دقايق لحد ما يلبس التيشيرت بس عشان اخاڤ ألبسه لوحدي !
عادت إليه تقول بتوتر طفيف
تمام شوف عايز تعمل إيه
قاطعهم آسر يقول لاء لاء مش هلبس حاجة !
ثم أزاح الوسادة بيده السليمة من خلف ظهره وتسطح فوق الفراش يقول بإنهاك
سيبوني بقا أنام شوية !
غادرا الغرفة و همست سديم قائلة
بلاش نمشي دلوقت ممكن يسخن تاني تشرب معايا حاجه
أجابها بدهشة
مش هتنامي ولا إيه روحي ارتاحي أنا هكمل سهر عادي !
هزت رأسها بالسلب و قالت بهدوء لاء أنا نمت وصحيت من شوية كدا قولت اتمشى شوية و بعدها شوفت المنظر من برا اتشغلت معاكم بس أنا فايقة متقلقش عليا !
نظرت إلى معالم الإجهاد الواضحة فوق ملامحه و قالت بلطف
لو تحب تروح تنام شوية أنا هقعد كدا كدا و أول ما احس إني خلاص عاوزة انام هصحيك !
عرض شديد الإغراء هو بحاجة إلى ساعات نوم قليلة بعد قضاء يوم شاق مثل أمس رفع يده يفرك خصلاته بأنامله ثم قال بخجل طفيف
بس أنت كدا مش هتنامي و شكلي هيبقا وحش أوي قدامكوا بصراحة !
ضحكت بخفة و أجابته لأ شكلك مش وحش ولا حاجه ومتقلقش مش هقول لأي حد إنك نمت !
ابتسم لها و سار بإتجاه الغرفة الأخرى لكنه توقف فجأة يقول بصدق
أنت بقيتي طيبة أوي لما كبرتي على فكرة !
عقدت حاجبيها و سألت بتردد طفيف
هو أنا كنت مكروهه أوي زمان ولا إيه
ضحك و أجابها بتوتر
بصراحة !! كنت سخيفة و أنانية جدا !! عيلة استغلالية كداا !
ابتسمت له و قالت برغبة واضحة لإنهاء النقاش
سيبك من زمان و روح نام يلاا قبل ما اليوم الجديد يبدأ تصبح على خير
مرت ثلاث ساعات كاملة و أشرقت شمس يومها الجديد و هي جالسة ترتشف قهوتها التي صنعتها منذ قليل كانت تتفقده بين حين و آخر و دلفت تلك المرة عاقدة حاجبيها حين استمعت إلى صوت تأوه و توجهت إليه تميل بجزعها العلوي و تستند بيديها إلى ركبتيها هامسة باسمه بخفوت
آسر !!! أنت بخير حاسس پألم !!
فتح عينيه يحدق بها لحظات ثم قال بصوت خاڤت
آه كتفي !
همست بتساؤل و هي تضع يدها فوق عنقه
كتفك نفسه و لا رقبتك من ورا !
ازدرد رمقه و همس بصوت متحشرج
آه هناا