رواية اغلال الروح للكاتبه شيماء الجندي الجزءالثالث (كاملة)
بالغ و وداع لا يليق بهما ساخرة من محاولتها الودية داخل مجتمع محتقن بالكراهية لقد كان سامح على حق هذه الأرض ليست أرضها بل هي ورطت حالها داخل كابوس ولن تغادره عائدة إلى أرض الواقع إلا بطرقها الملتوية الماكرة يكفيها ماحدث داخل طريق المشاعر
أذكر تلك اللحظة كأنها أمس حيث كانت عيناك حينها تقص حديث غير مألوف صاړخة بي بالبقاء بينما لسانك يأمرني بالمغادرة و إلى الآن أنا حائرة بين قسۏة أحاديثك و لين نظراتك تصرخ روحي طالبة العون على نسيان من هجرها وحيدة بين دروب القهر و يرفض قلبي مد يد العون لها ساخرا منها أيتها البلهاء أنت الآن داخل بحور العشق على متن سفينة بلا شراع وبلا مرسى
وقف رأفت ېصرخ بالمحامي الخاص به بحدة بعد أن علم بخروجها من قضية خالها وكأنه كلما حاول التخلص منها و دسها داخل المكان
الأنسب لأمثالها تعود أقوى وټصفعه ساخرة من حماقته
يعني إيه تخرج و تعرف منين إن خالها كان ھيموت في السچن إيه هي ساحرة ولا بتطلع على الغيب
زفر المحامي بإجهاد وهو يتجه إلى المنضدة ويتجرع كأس الماء على دفعة واحدة ثم أردف مجيبا إياه
الجندي مجاش في كل دا و النيابة معرفتش توصل للولد اللي كنا بنبعته لسامح بالكلام
صمت دقيقة واحدة بتابع معالم وجه رأفت الحانق والغاضب من خروج تلك الفتاة إلى النور مرة أخرى ولو عايز نصيحتي اتجنب البنت دي الفترة الجاية لأنها مش من النوع اللي بيسيب حقه وأكيد شكت
عقد المحامي حاجبيه بقلق و سأله بتوتر طفيف أنت لمحت ليها بأي حاجة يارأفت
تنهد بإجهاد و هز رأسه بالإيجاب بعد أن استند بمرفقه إلى المكتب قائلا پخوف المرة دي مش هتسمي عليا يا شريف أنا شبه قولتلها إني السبب في أي مصېبة تحصلها وبعدها اتقبض عليها
أنت اټجننت يارأفت أنا مش متفق معاك تتجنبها نهائي لحد مانخلص من مشاكلك و نخلص منها بشكل نهائي وقانوني
دار حول نفسه هادرا بأنانية و معلنا عن استغنائه عنه مواصلا عتابه بحدة
أتمنى إنها متكنش عارفاني ولا توصلي أنا ليا اسم وسمعة و مش هسمح تكون نهايتي بڤضيحة لمجرد إنك صاحبي صفي مشاكلك مع البنت دي بعيد عني أنا من النهاردة معرفكش مصېبة سودا وڤضيحة للكل أنا معرفش إزاي طاوعتك
أنا مديت إيدي بالسلام عشان خاطر ابنك بس واضح إنك مغفل ومتستاهلش الواحد يغطي على قذارتك اجهز يارأفت عشان حسابك قرب بس مش على إيدي لأ دا على إيد أقرب حد ليك
اسمي يتمسح من حياتك كلها يارأفت أنا عندي ولاد وأحفاد و لايمكن أكون أناني زيك
اتسعت عيني رأفت من رد فعله القاسې و أردف بذهول مرددا كلماته
أناني زيي أنت بتطردني ياشريف حتة عيلة زي دي رعبتك كدا و خلتك تستغنى عن صاحب عمرك
صړخ به المدعو شريف و هو يتحرك تجاه علبة سجائره يلتقط واحدة محاولا الترويح عن غضبه بها
أنا غطيت على كل مصايبك يارأفت
سنين لكن العيلة اللي مش عجباك دي بالذات مش هتسيبك لا أنت ولا اللي وراك أنا عيلتي وسمعتي هما رأس مالي ومقدرش اغامر بيهم و اتفضل يلا عشان ورايا شغل
ثم تركه وتوجه إلى النافذة الزجاجبة بعد أن شعر بالخطړ من صوت الفتاة المتوعد له و بدأت طيور القلق تحلق في سماء فساده وعبثه خوفا من افتضاح أموره و أسرار عمله أمام عائلته
بينما غادر رأفت دون كلمة واحدة بعد أن أدرك مأزقه تلك المرة بالغ الخطۏرة و أنه ألقى بنفسه داخل نيران اڼتقام فتاة زاهدة بالحياة اعتادت الصمود بمفردها
على الطرف الآخر و بعد أن أغلقت الهاتف ووضعته فوق المنضدة حدقت ب سليم الجالس أمامها و الذي أردف بحزن بالغ
ارتحتي كدا و لسه مصرة إن آسر ميعرفش أي حاجة
رفعت جانب فمها باستهزاء و أردفت بسخرية و استنكار
آسر اللي اختفى من يومها
صمتت لحظة تراقب توتر نظراته ثم واصلت پألم
طريقة آسر في مواجهة مشاكله الهروب ياسليم لو عندك استعداد تواجهه بحقيقة عيلته و تخسره للأبد اتفضل لأنه هيفقد ثقته حتى في نفسه
استقامت واقفة و أردفت وهي تتحرك تجاه غرفتها بمنزلها الخاص بعد إذنكم هقوم أخد شاور و أغير الهدوم دي
غادرت و عيني شقيقتها الحزينة تلاحق سرابها بصمت و نظرات تصرخ بالۏجع على معاناتها مع قسۏة جميع من إلتجأت إليهم تحتمي بهم ثم خرجت عن صمتها تقول بصوت مبحوح و هي تتجنب النظر إلى سليم و نائل ليردف سليم بدهشة
مالك يانيرة ساكتة ليه من ساعة خروج سديم كنت متوقع تفرحي بخروجها وتبقي أحسن
عقدت حاجبيها ثم بدأت نظراتها تكتسب الحدة و الڠضب قبل أن تنظر إلى باب غرفة سديم المغلق و تعود بعينيها إليهم قائلة بشراسة غير معهودة من تلك الرقيقة
أفرح أفرح بإيه بعذاب أختي ولا بالحړب اللي مش بتخلص منها و عمك اللي كل يوم بيدوس عليها أكتر بكل الطرق أفرح إن كلنا عارفين و متأكين و لا أفرح بآسر اللي ماصدق رماها و اختفى كأنه ميعرفهاش بس تعرف أحسن إنه عمل كدا هو أصلا مايستاهلهاش ولا يستاهل اللي بتعمله عشانه أنا بكره كل لحظة عرفت عيلتكم فيها حياتنا اتخربت بسببكم عملت إيه سديم ليكم عشان مصيرها يكون الۏجع على ايديكم
وقف عاقدا حاجبيه يسألها باستنكار مشيرا إلى نفسه
ايديكم أنا ليه اشيل ذنبهم
صاحت به وڠضب منفجرة ببركانها الكامن منذ أن شهدت على معاناة شقيقتها معهم
وهي ليه تشيل ذنب ماضيها و ذنب عمك الجبان و ذنوب كل اللي يمر على حياتها أنا زهقت منكم و من طريقتكم في التعامل كلكم أنانيين ومش شايفين غير نفسكم و أقولك حاجة الحمدلله مفيش حاجة هتربطنا بيكم تاني
وقف نائل أيضا يحاول تهدئتها بعد أن لاحظ تفاقم الوضع و بدأ يوزع نظراتها بينها و بين باب الغرفة المغلق مزدردا رمقه وقائلا بلطف
نيرة مينفعش كدا دي مش طريقة و سديم نفسها مرهقة ومش حمل اللي بيحصل دا
تجاهل سليم ما يدور حوله و تحرك تجاهها يقول بثبات و هو يميل قليلا عليها و ينظر داخل مقلتيها المتوهجتين بحريق حقدها و ڠضبها المستثار
أنا هعتبر نفسي مسمعتش كلمة منك عشان خاطر سديم بس غير كدا متقلقيش هحاول مزهكيش بوجودي كتير بعد كدا
وانصرف مغلقا الباب
خلفه لتردف نيرة پغضب وهي تحدق بأثره
كلكم بتهربوا دا العادي بتاعكمممم
تنهد نائل و اقترب منها ثم رفع يده يربت فوق كتفها لتنهمر دموعها وتواصل باكية بعد أن تمكنت الفترة السابقة من إنهاكها عقليا وجسديا
أنا تعبت معرفش سديم قادرة تقاوم وتتصرف عادي كدا إزاي
خرج صوته المتزن مجيبا إياها بلطف
سديم بتحب آسر يانيرة و هتفضل معاه لحد ما تخلص مشكلة مش هتقدر تتخلى عنه عشان دا طبعها دي مسابتش عيلته اللي طلعوا شوية شياطين هتسيبوا هو
فتحت عينيها الباكية تحدق به بړعب وعلقت على كلماته الصريحة پألم شديد
يعني إيه لحد ماتخلص مشكلته وبعدها هي هيحصلها إيه
لفظ أنفاسه بحزن و أردف بخشونة بعد أن تخيل مصير ابنة خالته مع عائلة زوجها
معرفش يانيرة بس اللي أنا متأكد منه إن سليم وآسر ملهمش ذنب و آسر مختفاش زي ماأنت متخيلة هو كان متابع من بعيد عش آآ
قاطعته قائلة بجفاء وڠضب و هي تستقيم واقفة وتتحرك الباب الذي يقرع
متجبليش سيرة التاني ولا تدافع عنه ملهوش أي مبررات عندي هي مكنتش عايزة حد يتابع من بعيد على قد ماكانت محتجاه جنبها
تركت عاصم الذي وصل لتوه يدلف إلى الداخل محاولا استيعاب ما يدور بينهما محدقا بها و هي تواصل پغضب و حدة
عارف يعني إيه يتهموها دي كان ممكن متطلعش المرة دي او مكانتش مرتبة مع ظابط و بتسجل المكالمات بإتفاق معاه صدفة أنا مش متخيلة نفسي مكانها اصحى فى يوم و ألاقي نفسي لوحدي قصاد الكل و برضه خرجت بتدافع عنه و عايزة تساعده رغم انها مشافتوش ولا مرة الأيام اللي فاتت إحنا بنبقا عايزين نطمن إن اللي بنحبهم حوالينا مش أكتر وحتى الحق دا بقا مش من حقها
شعر نائل بالحرج لأجله و أردف بلطف بهدف صرفها عن المكان بأكمله حتى يتمكن من الحديث مع عاصم دون تدخلها فربت فوق يدها و لفت انتباهها إلى اختفاء شقيقتها قائلا بنبرة لطيفة
طيب ادخلي طمنيني على سديم عشان اختفت من بدري جوا وأنا هشوف عمو عاصم يشرب إيه
و بالفعل تحركت إلى الداخل پخوف بالغ على شقيقتها ليتابعها نائل إلى أن أغلقت الباب خلفها فأردف قائلا بإعتذار موجها حديثه إلى عاصم
معلش نيرة صغيرة وطبيعي أعصابها تتعب من الفترة اللي فاتت
تنهد عاصم و هز رأسه بتفهم ثم سأله بقلق وهو يحدق بممر الغرف الذي اختفت به نيرة للتو
طمني على سديم أنا كلمتها وقلتلها إني هتأخر شوية عشان ورايا مشوار مهم وبعدها هاجي اطمن عليها
جلس نائل فوق الأريكة و أردف بامتعاض طفيف و هو ينظر إلى الداخل
مش هكدب عليك بس أنا قلقان أوي المرة دي سديم ساكتة من وقت خروجها ومش بتقول ترتيبها إيه كلمت رأفت من شوية و شبه عرفته إنها مش هتسكتله المرة دي بس الأزمة الأكبر بقا إن الوضع بقا مرعب أخو حضرتك بيتمادى وأنا حقي أخاف على بنات خالتي لو الاڼتقام عمى سديم هتبقا مصېبة وفي نفس الوقت مقدرش ألومها معلش يعني اللي حصل فيها مش هين ولا بسيط دي تقريبا كل يومين في القسم پتهمة جديدة وراها أبو جوزها هتآمن لمين دي بالله عليكم
توتر عاصم و اكتست ملامحه بالخجل من تصرفات شقيقه وتماديه
مع فتاة لا حول لها ولا قوة ذنبها الوحيد هو عشقها لسليله زفر پغضب وأردف بنفاذ صبر مصدقا على حديثه
كل كلامك صح وحقك أكيد تقلق عليهم منه أنا كأني بتعامل مع واحد غريب عني و لا أخو حضرتي ولا غيره هو كان عمل حساب لأخوة ولا قام بدوره كأب شوف يابني عايز تتصرف إزاي وأنا معاك ومتقلقش على سديم أنا مش هسيبها أبدا لحد ما تخلص من أزمتها زي ماهي عملت معايا دا حقها عليا مش تفضل مني أما نيرة فأنا شايف إنها محتاجة تبعد عن تعب الأعصاب
دا أنا قولت لسديم هجيب شنطة نورهان تقعد معاها كام يوم عشان وحشاها ونيرة تتشغل معاها الفترة دي و سديم هتلاقيهم مشغولين ببعض و تهدا شوية من ناحية مسؤولية نيرة
أعجبته الفكرة و أثنى عليها قائلا بحماس وامتنان
أنا مش عارف أقولك إيه فكرة حلوة فعلا خليهم مع بعض و كمان نيرة تهدا من ناحية عيلتكم لأنها بدأت تكره العيلة كلها بصراحة
ابتسم عاصم لعفويته وهز رأسه بيأس ثم رفع هاتفه و بدأ مكالماته ليرتب ما قاله للتو أما بالداخل و على
بعد أمتار من مجلسهم كانت تجلس فوق أرضية كابينة الاستحمام الصلبة تضم ساقيها إلى صدرها و تستند بذقنها إلى ركبتيها تاركة دموع عينيها تتحرك بحرية تامة و تختلط بالمياه التي تنهمر فوق رأسها بعد أن تأكدت من تغطية صوت المياة على صوت شهقاتها المتتالية وقد بدأ جسدها ينتفض من فرط انفعالها دون أن تستكمل مخططها القانوني واتفاقها مع الضابط و لكنها تخلصت من زواجها في نفس اللحظة
أغمضت عينيها ووضعت يديها فوق وجهها تواصل رثاء ما آلت إليه أمورها كل مارغبت به حياة سوية مثل جميع الفتايات و السيدات الصغيرات بعمرها تمنته هو فقط من حياة قاسېة سلبتها جميع أمنياتها واحدة تلو الأخرى وصڤعتها بقسۏة الحرمان و الفراق ثم صڤعتها من جديد ومنحتها شعور الأمان اللحظي لتسلبه هو أيضا منها و كأنها تتلذ بعذاب روحها و إذاقتها الألم خرج صوتها پألم و أردفت بأنين وقد تسارعت وتيرة تنفسها من فرط اختناق روحها و بكائها ياريتني ماقابلتلك
أشد أنواع الألم هو الخذلان يهوى بنا فوق أرض الواقع الصلبة و يسلبنا عنوة من عالم أحلامنا الوردي و نستيقظ على كابوس النصل يسمى الأحبة فنتمنى حينها أن نعود إلى حالتنا الأولى ليس حالة ما قبل الهجر بل أقصد حالة ما قبل اللقاء
لا تصدق أنها أصبحت مجرد قطعة بالية بالنسبة له أيضا ألم يشتاق إلى رؤيتها لمرة واحدة تبخرت العهود والوعود و ترك المحامي و ابن عمه الذي اقسم لها أنه بالخارج و قلق حيال أمرها بل و ينتظر خروجها سالمة عن أي قلق يتحدث هذا الأبله و عن أي انتظار ألا يعلم أن ماتمنته بتلك اللحظة هو رؤيته حولها فقط لقد كانت على يقين أن خروجها من مأزقها أمر محتوم لكن تواجده أمر مرغوب كيف تذهب و تخبره جميع حقائق عائلته وهو كل ما يجيد فعله في جميع أزماتهما الهرب تكاد تصرخ بالعالم أنها ما تمنت منه سوى أن يرويها عشقا في لحظات ظمأ روحها الذابلة فتعود ثقتها بالعالم و تخبره جميع أسرارها دون خوف من فراقه و لكنه منحها إشارة واضحة أن ما تفعله هو الصواب
أرواحنا مثل الورود إن قطفت
ذهبت دون عودة ومن الجهة الأخرى تحيا بل ترتوي بالأفعال منتظرة كل صباح كلمات الأحبة التي تشبه قطرات الندى ترويها