رواية اغلال الروح للكاتبه شيماء الجندي الجزءالثالث (كاملة)
إليها لحظات قبل أن يسألها باستنكار وقد اكتسبت نبرته الحدة متحركا تجاهها ورافعا إياها أمام وجهها لتتسلط عينيها المتوترة عليها ثم على ملامحه الجامدة منصتة إليه
إيه دا ياسديم
الفصل الثاني و الثلاثون نهاية
أيقنت أن زيارة هذا المنزل للمرة الأخيرة فرض عليها كمحاولة أخيرة منها لزرع الود بينها و بين عائلته خاصة بعد رؤيته بتلك الحالة السيئة في الليلة الماضية
إيه دا ياتيته هتخافي تقعدي معايا دا أنت كنت بتخليني أتأكد إن الباب مقفول بنفسي أيام خطة عمو عاصم
وفي لحظة واحدة قست ملامحها و اكتسبت نبرتها شراسة و هجومية تجاه الجدة التي حدقت بها پغضب حين واصلت توبيخها لها قائلة
هزت الجدة رأسها بالإيجاب و هي تقول بحدة واضحة وكراهية مبالغ بها
ربنا خلقنا طبقات هتتحدي ربنا أنت اللي بصيتي لفوق
رفعت حاجبها الأيسر باستنكار وجلست على طرف الفراش تضع ساق فوق الأخرى و تردف ضاحكة بسخرية لاذعة
ڠضبت الجدة من ردها و أردفت بجفاء و شراسة
اخرسي قطع لسانك هنتساوى بالڼصابين كمان
احتدت نظرات سديم في المقابل و فور أن تعمدت التقليل من شأنها وقفت وتحركت تجاهها تميل بجزعها العلوي وهي تستند بيديها إلى ركبتها هامسة ببرود سخرية
استقامت واقفة بعد أن رأت الهلع داخل عيني الجدة و الڠضب من إھانتها المتعمدة لها و نعتها بالسلعة الرخيصة لتكمل وهي تتجه إلى الخارج
أنا كنت بوصل نيرة وقولت أعدي عليك و أقولك خرجي نفسك من الحړب دي أنت مش قدها أنا كنت بحترمك لحد ماحفيدك اټصدم فيك امبارح و بقا رافض البيت كله بسببك أصله كان فاكرك عادلة مش بتستخدمي الناس وترميهم السر مش بيفضل سر و أهو اتكشف بعد السنين دي كلها تخيلي بقا لو راح لأصحابه ممكن يحصل إيه ماهو مش معقول انا أحفظ سركم و أنتوا تعاملوني كدا دا مش عدل و حتى لو شايفينه عدل أنا بقولك مش عاجبني و مش هيعجبني هسيبك و أشوف راس الحية ابنك رأفت فكري في كلامي واعرفي إني مش هاجي المرة الجاية هنا هبعتلك حفيدك يسألك خبيتي عنه حقيقة أخته سيلا ليه
وقفت تتحدى بها و تهددها بكشف الستار ڤضيحة عائلية إن خرجت إلى النور لقضت على سمعة العائلة إلى الأبد
ابتسمت سديم بسخرية و هي تتحرك إلى غرفة المكتب وتنتظر داخله رأفت بعد أن تأكدت برسالة نصية أن ابن خالتها لازال بالخارج ينتظرها وبالفعل أجابها بعد دقيقة واحدة مؤكدا أنه لازال معها ليدلف والد زوجها في اللحظة ذاتها و هو يقول پغضب
عقدت حاجبيها من هجومه و حديثه الغير مفهوم ليواصل هو موضحا قصده قائلا پغضب ضاري
آسر امبارح قالي إني سيبته لروزاليا عن عمد و دي أول مرة يقول الكلام الفارغ دا من وقت ما قابلك
رفعت حاجبها الأيسر باستنكار و أردفت باحتقار
مش مكسوف من نفسك و أنت راجل كبير كدا و مغفل آه والله ودي مش اهانه دا وصف
اتسعت عينيه پصدمة من حديثها و كأنه أصيب بشلل مؤقت بينما واصلت هي ساخرة منه
الكلام دا هو شعور ابنك الحقيقي و اللي حضرتك متعرفش عنه حاجة أنا أكيد مش هروح أقوله أبوك إنسان بشع و دمرك و دمر أخوك و اتفرج على مۏت أخوه كل يوم وهو عايش حياته عادي
رفع حاجبه الأيسر و تغاضى عن سخريتها وحديثها قائلا بمكر حين ظن أنه قد ضمن صمتها
بتحبيه ومش ھتأذيه مش كدا
رفعت جانب فمها ببسمة ملتوية و تحركت تقف أمامه وتهمس له بمكر
آه بحبه و بحب نفسي برضه و بحب أختي و أعمل أي حاجة في سبيل إن التلاتة دول يعيشوا مع بعض و ميتضروش
عقد حاجبيه بعدم فهم و سألها بدهشة وخوف قصدك هتقوليله
رفعت كتفيها بلامبالاة وجهل ثم نظرت إلى أظافرها و أردفت بعبث غامزة له بطرف عينها إلا لو عملت إللي هقولك عليه بالحرف ساعتها هتنتهي المأساة دي وكل واحد يشوف مصلحته
ضيق عينيه ثم أردف متسائلا پصدمة أنت بتبتزيني
ضحكت بخفة و أردفت بجفاء وهي توزع نظراتها المحتقرة فوقه
و أنت كنت هتسجنني متعملش فيها إمام مسجد عشان مش لايق عليك هااا هتوافق ولا لأ أنا مش فضيالك ومش بكرر عروضي
بلل شفتيه قائلا بعدم ثقة وأنا أضمن إزاي إنك مش هتضريني
زفرت أنفاسها بملل ثم أردفت بهدوء
أنا لايمكن أضر ابنك بيك ولا بغيرك و دا السبب الوحيد لوجودي هنا أنا عايزة الحړب دي تخلص منغير خساير
عقد ذراعيه أسفل صدره و أردف بتكبر وسخرية
مش عيلة زيك اللي هتقولي أعمل إيه أنا هعرف ارجع ابني لبيته قريب و اخلصه منك و صدقيني ساعتها مش مهما قولتي مش هيصدقك
لن تنكر أنه أرهبها داخليا من فرط كراهيته لها و التي صرح بها الآن مع تهديده الواضح أن هناك معركة جديدة على وشك الإندلاع لكنها هزت كتفيها بلامبالاة و تحركت إلى الخارج تردف ببسمة صغيرة ساخرة اللي عندك إعمله و أنا هعرف اتصرف متقلقش عليا ياحمايا
غادرت المنزل بقلب مفطور لأجله من قسۏة والده إلى درجة إلحاق الضرر بها ولسان حالها يهمس لها من أين يملك هذا الرجل كل هذا التسلط و الجبروت و أتت الإجابة على هيئة فريدة التي أوقفتها قائلة بمكر
إيه دا سديم عندنا معقول آسر جوا وأنا معرفش
تغاضت سديم عن إيحائها أنها من أصحاب المنزل و هي مجرد ضيفة تحل به
و ترحل بعد فترة وجيزة و لكنها لم تتغاضى عن سؤالها المتبجح عن زوجها و أجابتها ببرود و سخرية خفية ظنت الأخرى أنها صدق
آه آسر مستنيك أصلا جوا أنا اللي همشي دلوقت
ظهرت بسمتها وهزت رأسها بالإيجاب وهي تتمايل بحركتها تجاه الداخل و تردف بلطف زائف
اوكاي ياروحي هدخل أشوفه
تركتها سديم وتوجهت إلى سيارتها ضاحكة من تصديق تلك الساذجة لها و همست و هي تدلف بالمقعد المجاور للسائق
رخيصة
ثم رفعت صوتها تتحدث إلى نائل قائلة پغضب تخيل دي واحدة أختها لسه مېتة قال هدخل أشوفه قال هبلة أوي يعني
نظر نائل حيث أشارت ثم عقد حاجبيه حين وجدها تواصل پغضب بس العيب مش عليها العيب على اللي سايب مساحة لكل دااا
هز رأسه بالإيجاب و قد أردك سبب ڠضبها و تحرك بالسيارة مغادرا المنزل وهو يؤكد على حديثها
بالظبط كدا هي لو كانت لقيت وش خشب من الراجل مكنتش اتمادت و استنت منه حاجة تاني
هزت رأسها بالإيجاب وأكدت على حديثه ثم أردفت بتذكر
كويس إني افتكرت هنروح للمحامي الأول يانائل و بعدها نشوف عمو عاصم
هز رأسه بالموافقة و أردف بلطف و محبة بس كدا دا إحنا عنينا الإتنين لسديم هانم بالمناسبة أنا ظبطت خلاص مع سواق نيرة و بصراحة فهد هو اللي ساعدني لأنه ليه معارف أكتر مني شوية و من بكرة هيبقا عندك عشان يبدأ يوصلها ومتقلقيش فهد مش بيختار عشوائي يعني اللي هيجيلكم هيكون ثقة و أمان وعشان تطمني أكتر هروح معاهم أول يوم واتعرف عليه بنفسي
ابتسمت له و همست داخلها بحزن ليت أرواح الجميع تصبح صورة طبق الأصل من روحك فتنتهي معاناة أهل الأرض مع بعضهم البعض لاحظ نائل شرودها و نظراتها المسلطة عليه ليسألها بدهشة واستنكار إيه دا فيه إيه أنا قولت حاجة غلط
أطلقت أنفاسها بإنهاك و فتحت حقيبتها تسأله بتسلية وعبث
صحيح يا واد يانائل هو أنت مش بتشتغل ولا واخد أجازة تعارف عليا ولا إيه حكايتك بالظبط دا أنت مهتم بمشاويري أنا وأختي أكتر مني أنا نفسي
نظر إليها باشمئزاز و أجابها بنظرات محتقرة و نبرة ساخرة مستنكرا طريقتها بالحديث
واد يانائل و إيه أجازة تعارف دي قال دارسة برا قال دا أنا مشغلكيش بواب في شركة
ضحكت بقوة بعد أن حدقت بمعالم وجهه الساخرة واستمعت إلى رده الفكاهي ليواصل هو بلطف
أيوه كدا اضحكي ياشيخة محدش واخد منها حاجة بلا فهد بلا آسر بلا خيبة والنبي إحنا ملناش إلا بعضينا تعرفي
يابت ياسديم
واصلت ضحكها خاصة حين تعمد الحديث بنفس طريقتها راغبا بالتخفيف عنها و قد هون عليها كثيرا و اعتادت تواجده بالأيام الماضية بعد حفظ سرها رغم رفضه تصرفها بتناول حبوب تمنع
الحمل ولكنه تصرف كصديق أمين واختفى عن أنظار الجميع لأجلها تنهدت وواصلت حديثها الممتع معه ببسمة عابثة
عرفني يانائل
بادلها التنهيد و وزع نظراته بينها و بين الطريق يقول غامزا لها
أنا بحمد ربنا إني انفصلت و مكملتش جوازتي الأولى تخيلي كدا لو كانت بتحبني و عرفت إن ليا بنات خالة أحلى من بعض كانت هتخنقني بقاا و سين و جيم زي البت أسيف و فرح ما خانقين فهد و تيم رايح فين جاي منين بتكلم مين لكن
كدا أنا حر و عارف اتفاهم معاكم أصل راجل يقدس الحرية أوي
رغم أنه اخبرها بطلاقه من زوجته الأولى و لكنها لأول مرة تلاحظ هذا الجزء الساخر من شخصيته تجاه أزماته و بساطته في التفاهم مع حاله ربتت فوق ذراعه و أردفت بلين و محبة
أنت راجل بكل المقاييس يانائل و أنا متأكدة إنها غبية عشان تخسر كنز زيك
رفع حاجبه بعدم تصديق و خطڤ نظرة سريعة ناحيتها و هو يسألها بجدية
دي مش مجاملة
عقدت حاجبيها و أردفت بهدوء شايفني بعرف أجامل أكيد بكلمك بجد ليه قولت كدا
بلل شفتيه بتوتر طفيف ثم أردف بصراحة كنت فاكرك هتشوفيني تافه
ازدرد رمقه بصعوبة ثم واصل متسائلا تعرفي سبب انفصالي عنها كان إيه
اعفته من الحرج بعد أن توقعت السبب مستنبطة إياه من كلماته و نبرته لذلك أردفت بثقة واضحة
لأ أنا مش سطحية عشان أقول عنك كدا تافه ولو هي شافت كدا يبقا ربنا نجاك منها متستاهلش تفكيرك حتى أنا دلوقت اتأكدت إنها غبية فعلا
نظرت أمامها وعادت إلى شرودها من جديد بعد أن أكدت عليه خليك واثق إني لولاك مكنتش هعرف أعدى الفترة دي أبدا
ابتسم لها بعد أن أعادت إليه جزء مفقود من ثقته بحاله خاصة أنه على يقين من صدقها الدائم و بعدها تمام البعد عن المجاملات و الحديث المزين و امتن داخله لاهتمامها به رغم جميع ما يدور حولها من مصائب و إن كان محلها لأصابته حالة من الإنهيار وعدم الصمود ألقى نظرة خاطفة عليها وأعادها من شرودها يسألها بقلق متذكرا سبب ذهابهم الأساسي إلى منزل زوجها دون علمه
صحيح عملتي إيه مع جدة آسر وباباه
زفرت أنفاسها بضيق بعد أن عاد إليها شعور القلق الداخلي من تهديده لها ثم بدأت تقص عليه ما دار بينها و بينهما منذ أن دلفت إلى الداخل ليعقد حاجبيه پغضب و يردف بوجوم
طيب لو راجل ېلمس شعره منك هو فاكر نفسه مين عشان يهددك بالمنظر دا في إيده إيه أصلا ضدك دا بدل ما يحترم محاولتك إنك بتلحقي ولاده من قرفه
أشاحت برأسها و رفعت كتفيها بلامبالاة خارجية و أجابته ببرود
معرفش ناوي يعمل إيه ومش مهتمة سيبه براحته لحد مااحكي لأخوه الأول عشان يبقا على علم بكل تصرفاتي
راقبها نائل بحزن شديد ثم سألها بتردد ملحوظ خشية إثارة ڠضبها تجاه افتضاح أمر ثباتها الزائف أمامه
خاېفة
هزمتها نبرته المتعاطفة و قررت الإفصاح عن مخاوفها بعد أن ثبتت نظراتها الراكدة فوق ملامحه الحزينة لأجلها قائلة بصدق
على نيرة مش عايزاها تدفع تمن ذنوبي يانائل ولا تمر بنفس اللي أنا مريت بيه لمجرد إنها أختي مش عايزها تشوف نفس اللي أنا شوفته نيرة مش هتستحمل أنت شوفت بعينك اڼهارت إزاي ساعة حكاية كريم
حرك رأسه بتفهم و ربت فوق يدها يردف مبتسما و متعمدا بث شعور الأمان لها رغم خوفه هو أيضا عليهن بعد حديثها
شوفت و فاهمك و متأكد إنك صح بس بلاش تحملي نفسك فوق طاقتها ياسديم إحنا مش هنعدل الكون و نيرة لو مكتوب ليها حاجة بيك أو منغيرك هتشوفها أنت دورك تكوني جنبها بقا في وقت الأزمة مش تروحي ترمي نفسك في جهنم و تقولي أنا بفديها أنا شوفت تجربة شخصية في الموضوع دا و
نيرة محتاجة دعمك بس من بعيد لبعيد سيبيها تغلط و تتعلم زيك ومټخافيش محدش بيشيل ذنوب حد هي مدركة وعارفة كويس أوي أنتوا بتتحاربوا من مين متقلقيش نيرة عاقلة و بتحبك وأنا مش هسيبكم أبدا مهما حصل
هز رأسه كأنه يحاول الإفاقة ثم أردف بحدة طفيفة
اطلعي يلاا للمحامي وكفاية نكد هعيط منك و أنا دمعتي قريبة
هزت رأسها بيأس و هبطت من السيارة مبتسمة وعقلها يعمل على الكلمات التي قالها للتو هامسة لحالها ولما لا تهدأ وتتوقف عن تلك الحړب و الإنشغال بصغائر الأمور من حولها ابن الخالة معه حق هي بحاجة إلى هدنة و بحاجة أيضا إلى إيقاف الحبوب التي تتناولها لتتصالح مع نفسها أولا و تقبل ندبات ماضيها
انقضى يومها بين المحامي و مقابلة عاصم الذي واقفها الرأى ببدء الحړب الباردة مع رأفت و العجيب في الأمر أن زوجها لم يحاول التواصل معها اليوم ترى شك بأمرها ليلة أمس ولم يقتنع أن هذا الدواء مجرد ڤيتامينات و منشطات كما هو مدون عليها من الخارج خاصة أنه فتح الزجاجة و أخرج فحواها فوق راحة يده يدقق النظر إليها وبعدها حدق بملامحها الهادئة ليتأكد من صحة ماتقول
أعربت عن قلقها بصوت واضح موجهة حديثها إلى نائل المجاور لها
آسر متصلش بيا