رواية أوتار الفؤاد أوس ل منال سالم (كاملة)
الذي تعرضت له شقيقته الصغرى تناسى التصرف بعقلانية وبات كالمهووس وهو يترقب خروج من يطمئنه عليها انتفض ركضا نحو الممرضة التي خرجت من غرفة العمليات ليسألها بتلهف
أخبار ليان إيه
وعفويا امتدت يده لتمسك بذراعها كما لو كان غريقا يبحث عن تلك القشة التي ستنجيه وهو يرجوها
لو سمحتي طمنيني!
نظرت له الممرضة بتعجب وبهدوء استلت ذراعها من بين أصابعه لتجيبه بحذر
يعني إنتي مش عارفة إن كانت كويسة ولا لأ وابني حصله حاجة ولا ...
نكست رأسها في توتر محاولة التهرب منه
إن شاء الله خير عن إذنك!
انفلتت أعصابه منه فاعترض طريقها صائحا بهياج
إنتي مش كنتي معاهم جوا قوليلي في إيه
ردت عليه بتلعثم محذرة إياه من التمادي في تصرفاته المنفعلة
يا أستاذ ماينفعش اللي بتعمله قولتلك الدكتور طالع وهيعرفك كل حاجة
ماهو مافيش حد هنا عاوز يريحني
اطمن كله خير
وبحنكة احترافية تمكنت الممرضة من التملص منه لتتركه في حالة أكثر قلقا وخوفا عن ذي قبل ضړب عدي بكفه على الحائط في استياء واضح عليه ارتفعت أنظاره نحو الطبيب الذي خرج لتوه فاندفع نحوه ليسأله بأنفاس شبه متقطعة
دكتور رد عليا مراتي عاملة إيه و.. وابننا هما كويسين صح
الحمدلله احنا قدرنا نلحق المدام ونوقف الڼزيف بس للأسف الجنين نزل
ثم ربت على كتفه كنوع من المواساة وهو يتابع
ربنا يعوض عليكم
هبطت تلك الأخبار السيئة على رأسه كالصاعقة فتسمر في مكانه لثوان ليستوعب ما قيل له وما إن أدرك عدي حجم الخسارة الفادحة التي أصابت عائلته الصغيرة حتى بدأت العبرات بالتجمع بكثافة في طرفيه اغرورقت عيناه بالدموع وانسابت على صدغيه بغزارة لم يكن ليتصور ضياع ذلك الجنين الذي تمناه لسنوات بعد معاناة قاسېة ورتب لاستقباله هكذا فجأة دون أي مقدمات تصلب جسده رغم الرجفة العڼيفة التي أصابت خلاياه شعر بعجز قدميه عن حمله فألقى بثقله على أقرب حائط ثم وضع يده على فمه ليكتم شهقاته الموجوعة فلم يصدر منه إلا نحيبا مكتوما عكس حزنا كبيرا وحسرة لا توصف ............................................. !!
سعل بحشرجة واضحة وهو ينفث دخان ناريجيلته في الهواء مكملا تفريغ تلك الشحنة المتأججة في صدره من خلال إقباله الشره مؤخرا على الټدخين وتعاطي المخډرات حتى ينسى الإذلال الذي تعرض له أمام أهالي منطقته الشعبية قبل أن يطرد منها لكزه الجالس على يمينه في ساقه المثنية أسفل منه ليحذره من التمادي في شرب الحشېش قائلا له
نظر له منسي شزرا من طرف عينه الملتهبة قبل أن يرد رافضا بعناد
ملكش فيه أنا حر إن شاءالله أولع في جتتي حتى
علق مبررا خوفه عليه
يا سيدي أنا عاوز مصلحتك
زفر هاتفا بحنق ليكف عن إبداء نصائحه له
يووه إنت هتخوت دماغي على الفاضي قولتلك أنا حر
غمز له رفيقه متابعا بنبرة ثقيلة
يا عم بدل ما تتشيع وتروح مننا إنت لسه في عزك
عمر الشقي بقي
ثم عاد ليشرد في تفكيره المنتقم ممن أذله وكسر شوكته أمام العامة ورغم الهلوسة المسيطرة على عقله إلا أن مشاهد الإهانة كانت لا تزال حية في مخيلته ووسط الضلالات التي يعيش فيها كان يبوح بما ېخنقه لرفقاء السوء لربما أرشده أحدهم لوسيلة يستطيع بها إخماد النيران المستعرة بداخله تجرع منسي ما تبقى في زجاجة مشروبه المسكر ليتجشأ بعدها ماسحا بظهر كفه ما علق في ذقنه النابتة كز على أسنانه مغمغما بحنق مغتاظ
آخ يا مين ينولني رقبتك يا ابن الأكابر وأنا أشقك نصين آه لو كنت لوحدك
اقترح عليه الجالس إلى يساره
ما تسلط عليه حد من العتاولة
لم ينظر نحوه فقد بدا حديثه لهوا فارغا بالنسبة له سحب نفسا أشد عمقا من ناريجيلته ليضيف بعدها وهو ينفث الدخان
ولا البت كمان فلتت مني كنت خلاص هاتجوزها واعمل ما بدالي بسهولة كله يروح كده
علق عليه مازحا
طالما مش ليك ضيعها
استدار نحوه ليسأله بفضول وقد ارتفع حاجبه للأعلى
قصدك إيه
أجابه بخبث
يعني اللي ماتجوزلكش تبقى ماتجوزش لغيرك
كانت كلماته غامضة فلم يستطع أن يفسرها بوضوح اعتدل في جلسته وتركزت نظراته عليه متسائلا بنفاذ صبر
ما تقول ياض قصدك إيه خشلي دوغري
شعر رفيقه بالحكة تصيب صدره ففركه بأصابعه قبل أن يجيبه بمكر
خليها ماتسواش مليم في سوق الحريم ارمي عليها مياه ڼار وساعتها مش هاتنفع لأي راجل حتى لو كان مين
أغراه حديثه الشيطاني وتغلغل في عقله انفرجت شفتاه عن دهشة إعجاب وارتسمت علامات الارتياح على ملامحه بدا منسي كمن ألقي عليه دلو ماء مثلج ليفيق من غيبوبته لمعت حدقتاه بذلك الوهج المخيف ومع كلمات رفيقه المسمۏمة اشتعلت الفكرة أكثر في رأسه وتشعبت خيوطها ليشرع بعدها في رسم ملامح خطته المبدأية للاڼتقام من هالة أولا فربما في فعل ذلك يجد سلواه جلس بأريحية وطرقع فقرات عنقه بعد أن حركه للجانبين تشكل شبح ابتسامة لئيمة على محياه وهو يردد معقبا على ما قيل وما فكر فيه
تستاهلها وأهوو بكده